شهدت العاصمة السودانية الخرطوم خلال اليومين الماضيين مظاهرات منددة “بتجنيد” الإمارات مئات الشباب السودانيين، وإرسالهم لليمن وليبيا كمقاتلين وهو ما أدى تزايد غير مسبوق للغضب الشعبي ضد أبو ظبي.
وتمكن مئات من المحتجين أمس الثلاثاء من كسر طوق عسكري، ووصلوا لوزارة الخارجية السودانية حاملين مذكرة تطالب بعودة الشباب السودانيين الذين “خدعوا” بوظائف مدنية، قبل أن يرسلوا إلى جهات ومواقع عسكرية في ليبيا واليمن، على حد تعبير المذكرة.
يأتي ذلك، في حين وصل خمسون شابا قادمين من أبو ظبي من مئات الشباب السودانيين الذين سافروا إلى الإمارات للعمل في وظائف حراس أمن، إلا أن أعدادا كبيرة منهم أرسلوا إلى ليبيا واليمن للعمل هناك.
وفور وصولهم إلى العاصمة الخرطوم، توجّه الواصلون نحو مقر السفارة الإماراتية، وأوضحوا أنهم سيعتصمون أمام مقر السفارة لحين تسلم مستحقات مالية وعدت الحكومة الإماراتية بتحويلها لهم عبر سفارتها بالخرطوم، في حين يفترض أن تكون مجموعة أخرى وصلت فجر اليوم.
وحسب تصريحات أحد الشباب السودانيين الذين أرسلوا إلى بنغازي فإن السلطات الإماراتية أعادت نحو 150 شابا سودانيا إلى أبو ظبي، في حين تبقى نحو أكثر من مئة شاب، حسب قول المصدر.
وأكدت المعلومة ذاتها سيدةٌ من عائلة أحد الشباب السودانيين الذين أعيدوا إلى أبو ظبي، وطالبت السلطات السودانية بعودة جميع الشباب، مع توضيح أسباب ما وصفته “بخداع السلطات الإماراتية لهؤلاء الشباب”.
وفي تفاعل مع هذه التطورات، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا عبرت فيه عن حرصها على سلامة الشباب السودانيين، الذين استقدمتهم شركة خاصة في الإمارات للعمل في وظائف حراس، ثم قامت بإرسالهم إلى حراسة حقول نفط في ليبيا، مما يعد إخلالا بشروط العقد، حسب البيان.
وأكد البيان أن السلطات السودانية على تواصل مع حكومة أبو ظبي للتقصي سويا بشأن الأمر، الذي لن يؤثر على علاقة البلدين المتميزة، على حد وصف البيان.
من جهتها، قالت وزارة خارجية حكومة الوفاق في ليبيا إن زج الإمارات بالشباب في حرب اللواء المتقاعد خليفة حفتر استغلال بشع، وطالبت مجلس الأمن الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص.
وثار غضب واسع في السودان، بعد روايات لشباب سودانيين، قالوا إن شركة “بلاشيلدر” للخدمات في الإمارات غررت بهم، بعد أن قدمت لهم عروض عمل كحراس أمنيين داخل الإمارات، فأخضعوا بعد وصولهم إلى أبوظبي لتدريب عسكري على الأسلحة الثقيلة، وتم سحب هواتفهم النقالة لمنعهم من التواصل مع أسرهم قبل تخييرهم ما بين القتال في ليبيا أو اليمن، وبالفعل تم ترحيل أعداد كبيرة منهم إلى رأس لانوف شمالي ليبيا.
ونظمت أسر الشباب الذين يبلغ عددهم أكثر من 400 شاب تظاهرات في الخرطوم للتنديد بما حدث، وسبق لها أن نظمت وقفة احتجاجية أمام السفارة الإماراتية بالخرطوم، وأمام مكتب الأميرة للاستقدام الخارجي، وهو المكتب المفوض في الخرطوم لشركة بلاك شيلد.
وتزامن ذلك مع تدشين حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي للضغط على أبوظبي لإعادة الشباب إلى السودان.
وقال والد أحد الشباب الذين جندتهم الإمارات إن أسرته تحدثت مع ابنها بعد إعادته من ليبيا، مبيناً أن الابن أبلغهم بأن شركة بلاك شيلد ستقدم عروضاً لهم للعمل داخل الإمارات.
كذلك أوضح الأب أن الابن كشف لهم أن حجم الخديعة كان كبيراً جداً لدرجة أنهم أخبروا بأنه سيتم نقلهم من أبوظبي إلى إمارة العين، لكن بعد وصولهم وجدوا أنفسهم في ليبيا، وهذا ما ينفي مزاعم عن أن ذهاب الشباب حدث برضائهم.
وقالت وزارة الخارجية السودانية إن “كل مؤسسات الدولة حريصة على العمل من أجل التأكد من سلامة المواطنين السودانيين العاملين بالشركة مع حرصها على بذل الجهود المكثفة لطمأنة ذوي المواطنين المعنيين”.
وأضافت الوزارة في بيان لها أنها “تتابع استخدام الشركة لبعض السودانيين في وظائف (حراس أمن) دون الالتزام لاحقاً كما ورد في إفادات أسر أولئك المواطنين، بعقود العمل من حيث طبيعته وموقعه، مما أدى في النهاية لأن ينقل بعض من المواطنين المذكورين وبواسطة الشركة للعمل في بعض مناطق حقول النفط في ليبيا”.
وتعهدت بإيلاء الأمر الأهمية القصوى “بما يحافظ على عزة وكرامة الوطن وشعبه، والسعي لاستعادة حقوق المواطنين المتأثرين وعودتهم لأرضهم وذويهم، متى ما ارتضوا ذلك”.
وقالت إنها تدرك ما لحق بأسر وذوي المتأثرين، وستواصل العمل مع الجهات والسلطات المختصة داخل السودان، مشيرة إلى أنها على اتصال مستمر بالسفارة السودانية بأبوظبي ومع سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة بالخرطوم والسلطات المختصة بالدولة في أبوظبي، والتي أكدت استعدادها للعمل مع السودان للتقصي حول الجوانب المختلفة التي وردت بشأن هذه المسألة.
المصدر: Emirates Leaks