جمعية ضحايا التعذيب

وفاة ناشط سياسي في ظروف غامضة بسجون تشكيل مسلح أنشأته وتموله الإمارات جنوب اليمن 

تلقت منظمات حقوق الإنسان صدمة جديدة مع الإعلان عن وفاة الناشط السياسي الجنوبي أنيس الجردمي، بعد أيام من دخوله العناية المركزة في أحد مستشفيات العاصمة المؤقتة عدن، متأثرًا بما يُعتقد أنه تعذيب شديد تعرض له أثناء احتجازه في أحد سجون قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة.

بحسب مصادر محلية وحقوقية، فإن الجردمي اعتُقل على خلفية مواقفه السياسية المناهضة لسياسات المجلس الانتقالي، حيث عُرف بمطالبته باستعادة القرار الجنوبي المستقل، ورفضه لاختزال مشروع الجنوب في أشخاص أو مصالح جهوية ضيقة. وتشير إفادات الشهود إلى أن ظروف احتجازه كانت غامضة ومقيدة، حيث لم تُتح لعائلته فرصة زيارته أو الاطلاع على حالته الصحية حتى لحظة نقله للمستشفى في حالة حرجة.

وفاة الجردمي فجّرت موجة من الغضب الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات محلية واسعة بفتح تحقيق شفاف ونزيه يكشف ملابسات اعتقاله والمعاملة التي تلقاها داخل مركز الاحتجاز، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها.

تتبع قوات الحزام الأمني المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعد بمثابة أداة إماراتية في جنوب اليمن ويتلقى تمويله من أبو ظبي، وهي إحدى  التشكيلات المسلحة التي أنشأتها ودعمتها دولة الإمارات في اليمن منذ عام 2015، والتي اتُهمت مرارًا بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب، والاحتجاز خارج القانون، والإخفاء القسري، في عدد من المحافظات الجنوبية. ويُنظر إلى هذه التشكيلات على أنها أذرع أمنية وعسكرية تعمل خارج إطار مؤسسات الدولة، وتُستخدم لفرض أجندات سياسية بالقوة، في محاكاة لنموذج القمع الذي تمارسه أبوظبي داخل حدودها.

وقد سبق لمنظمات دولية، من بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، أن وثّقت وجود شبكة من السجون السرية والمراكز غير الخاضعة للرقابة القانونية في جنوب اليمن، تحت إدارة قوات الحزام الأمني والنخب المحلية، التي تشرف عليها دولة الإمارات بشكل مباشر أو غير مباشر.

وتمثل قضية الناشط أنيس الجردمي، حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تستهدف الأصوات المستقلة والمعارضة، في إطار محاولات مستمرة لتفكيك المجال السياسي والمدني في اليمن، واستنساخ أدوات القمع الإماراتية في الداخل اليمني من خلال الميليشيات الموالية لها.

إذ تشير هذه الانتهاكات إلى تصاعد الخطر على الحقوق الأساسية في المناطق التي تشهد تدخلات إماراتية مباشرة أو غير مباشرة، سواء في اليمن أو في دول عربية أخرى كليبيا ومصر وتونس، حيث سعت أبوظبي إلى فرض نماذج استبدادية قائمة على الترهيب وتفكيك المؤسسات الوطنية المستقلة، في إطار مساعٍ للسيطرة والنفوذ تتجاوز حدودها الجغرافية، على حساب استقرار الشعوب وحرياتها الأساسية

بدورها، تؤكد جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات عن استمراراها في رصد وتوثيق قضايا التعذيب التي ترتكبها الإمارات أو أي تشكيلات مدعومة منها في الخارج وتطالب بفتح تحقيق دولي مستقل في حادثة وفاة الجردمي وظروف احتجازه وكافة قضايا التعذيب التي ترتكبها مليشيا مدعومة إماراتيًا في جنوب اليمن.

كما تدعو إلى وقف دعم الإمارات للتشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون في اليمن، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وضمان سلامتهم القانونية والصحية، ومحاسبة المتورطين في جرائم التعذيب والمعاملة القاسية، وفقًا للقانون الدولي الإنساني.