في هذا اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، تجدد جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات تضامنها مع جميع الضحايا داخل الإمارات وخارجها، وتدين استمرار الممارسات المنهجية للتعذيب، سواء في مراكز الاحتجاز الرسمية أو السرية، أو عبر الأذرع الأمنية والعسكرية التي تديرها الإمارات خارج حدودها الجغرافية.
ورغم مصادقتها على اتفاقية مناهضة التعذيب، لا تزال السلطات الإماراتية تمارس التعذيب كأسلوب منهجي في التعامل مع المعتقلين، خصوصًا من سجناء الرأي والناشطين الحقوقيين، كما في قضايا أحمد منصور ومحمد الركن وناصر بن غيث، وغيرهم العشرات من معتقلي الرأي الذين يرزحون في السجون منذ سنوات طويلة.
وقد خلصت تقارير الأمم المتحدة، ومنظمات حقوقية عدة إلى أن: “الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وسوء المعاملة، والحبس الانفرادي المطوّل في مراكز مثل سجن الرزين يشكلان نمطًا ممنهجًا من التعذيب”.
وتسرد المنظمات أنماطًا عدة للتعذيب الذي تمارسه السلطات الإماراتية، من ذلك:
• الحبس الانفرادي لفترات طويلة والحرمان من ضروريات الحياة ومن الرعاية الطبية، فقد استمر ذلك لسنوات في قضايا مثل أحمد منصور، وتعد شكلاً مؤكدًا من أشكال التعذيب النفسي .
• العنف الجسدي والتعذيب النفسي: شهدنا في قضية سُجناء الإمارات-94 اعترافات تُشير إلى “ضرب وتعذيب للحصول على اعترافات تحت الإكراه” .
• الممارسات القمعية خارج الحدود: كذلك في اليمن وليبيا والسودان، حيث شملت “الصدمات الكهربائية، التهديد بالقتل، تجريد المعتقلين من الملابس” ، كما وثقته هيومن رايتس ووتش وعفو
تصدير نموذج القمع والتعذيب خارج الحدود
لم تتوقف الإمارات عند حدودها، بل قامت بتصدير نموذجها القمعي إلى عدة دول، أبرزها اليمن وليبيا والسودان، عبر دعم مليشيات تمارس التعذيب والإخفاء القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كما وثقته منظمات دولية مستقلة.
ناهيك عن ذلك وفي انتهاك صارخ للقانون الدولي، استخدمت الإمارات نفوذها المالي والدبلوماسي والأمني لاستهداف معارضيها خارج أراضيها، في محاولات لإعادتهم قسرًا ومحاكمتهم بناء على اتهامات سياسية. ومن أبرز الحالات:
• خلف الرميثي: أحد المحكومين تعسفيًا في قضية “الإمارات 94”، الذي اعتُقل في الأردن في مايو 2023 بناءً على طلب إماراتي، ثم رحّل قسرًا إلى أبوظبي رغم تحذيرات المنظمات الحقوقية من خطر تعرضه للتعذيب، في خرق واضح لاتفاقية مناهضة التعذيب التي تمنع الإعادة القسرية.
• عبدالرحمن القرضاوي: ابن العلامة الراحل يوسف القرضاوي، اعتُقل في لبنان في ديسمبر 2024 خلال عودته من سوريا عبر منفذ المصنع، بناءً على مذكرة إماراتية صادرة عبر الإنتربول، ثم تبين لاحقًا أن الاعتقال جاء بناء على مذكرة مؤقتة صادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب، وقد تعرض القرضاوي للترحيل إلى الإمارات حيث يحتجز هناك تعسفيًا دون أي تهمة جنائية، ما يعكس استخدام الإمارات للآليات الدولية والإقليمية لملاحقة الخصوم السياسيين.
تدين الجمعية هذه الممارسات، وتعتبرها امتدادًا لسياسات التعذيب والتنكيل خارج نطاق القانون، التي لا تكتفي بانتهاك حقوق الإنسان داخل الإمارات، بل تمتد إلى تقويض سيادة الدول الأخرى وملاحقة الأفراد على أساس آرائهم وانتماءاتهم.
وعليه؛ فإننا في جمعية مناهضة التعذيب نطالب المجتمع الدولي بـ:
- فتح تحقيق دولي مستقل في انتهاكات الإمارات داخل وخارج أراضيها، بخاصة جرائم التعذيب وانتهاكات اتفاقية مناهضة التعذيب، ومحاسبة جميع الضالعين في جرائم التعذيب والإخفاء القسري.
- إلغاء مذكرات التوقيف الصادرة بدوافع سياسية ضد المعارضين والنشطاء؛
- إصدار عقوبات فردية ودبلوماسية بحق المسؤولين عن تلك السياسات.
إن الإفلات من العقاب لا يجوز أن يكون مصير هذه الانتهاكات، والتعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، والمسؤولية تقع على عاتق كل من يتواطأ أو يصمت.