أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات مؤخرًا أحكامًا قاسية بالسجن المؤبد ضد مجموعة من معتقلي الرأي والمعارضين السياسيين، في خطوة جديدة تؤكد استمرار نهج الدولة في قمع الأصوات المستقلة وترهيب النشطاء، مستخدمة القضاء أداةً للانتقام السياسي.
وتُظهر هذه الأحكام بوضوح النهج الممنهج للسلطات الإماراتية في ملاحقة المعارضين عبر تهم غامضة، ومحاكمات تفتقر إلى أدنى معايير العدالة وضمانات المحاكمة العادلة. وتأتي هذه المحاكمات في سياق أوسع من سياسة الدولة القائمة على التضييق والتخويف، والتي كثيرًا ما ترافقت مع انتهاكات جسيمة، أبرزها التعذيب وسوء المعاملة في مقار الاحتجاز السرية والرسمية.
وتشير شهادات موثقة وتقارير حقوقية دولية، من بينها تقارير منظمة الكرامة وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، إلى تعرض المعتقلين في الإمارات لأساليب تعذيب قاسية، تشمل الحرمان من النوم، الحبس الانفرادي المطوّل، والصدمات النفسية والجسدية، بهدف انتزاع الاعترافات القسرية وإجبار المعتقلين على التنازل عن حقوقهم.
وتعكس هذه الممارسات الوجه الحقيقي لسجل الإمارات في التعذيب، والذي يتناقض بوضوح مع التزاماتها الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من المواثيق الحقوقية. كما تُبرز هذه الأحكام الصادرة مؤخرًا استمرار سياسة الدولة في إسكات كل الأصوات المطالبة بالإصلاح السياسي واحترام حقوق الإنسان، مستخدمة تهم “الإرهاب” كذريعة لتبرير الانتهاكات.
على مدى سنوات، لم تتوقف المنظمات الحقوقية عن تلقّي رسائل الاستغاثة من المعتقلين السياسيين في سجون دولة الإمارات العربية المتحدة ومن ذويهم، وهي رسائل تُسلِّط الضوء بشكل دوري على الانتهاكات الممنهجة ووقائع التعذيب وسوء المعاملة التي تمارسها السلطات الإماراتية بحق المعتقلين.
بدورها، تؤكّد جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات أن هذه المحاكمات الجائرة والأحكام الصادمة ما هي إلا امتداد لسلسلة طويلة من الانتهاكات، بدءًا من حملات الاعتقال التعسفي، مرورًا بالإخفاء القسري، وصولًا إلى التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون، ما يكرس مناخ الخوف والصمت القسري في المجتمع الإماراتي.
وتجدد الجمعية دعوتها للمجتمع الدولي، ولا سيما آليات الأمم المتحدة المعنية، إلى الضغط الفوري على السلطات الإماراتية للإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع مزاعم التعذيب والمعاملة السيئة، ومحاسبة المسؤولين عنها، ضمانًا لعدم تكرارها، وإنصافًا للضحايا.