جمعية ضحايا التعذيب

منذ زيارة البابا 2019.. الإمارات على حالها في واقع حقوق الإنسان القاتم 

لا تزال دولة الإمارات على حالها في القمع وغياب التسامح الذي تدعيه وفي انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الحريات منذ غادرها بابا الفاتيكان فرانسيس مطلع فبراير/ شباط 2019 بعد زيارة استمرّت لأيام قالت السلطات الإماراتية إنها لترسيخ الحوار ونشر التسامح، بينما في الواقع زادت حدة القمع والانتهاكات في الإمارات وغابت أي مؤشرات على التسامح مع قضايا الرأي والتعبير والحقوق المدنية والسياسية في البلد.

وفي هذا السياق تود جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات أن تذكر بالرسالة التي بعثت بها إلى بابا الفاتيكان بمناسبة تلك الزيارة والمخاوف التي عبرت عنها الجمعية وباتت واقعًا ملحوظًا في دولة الإمارات:

نص الرسالة:

رسالة إلى قداسة البابا فرنسيس: لا ينبغي أن تكون زيارتك إلى الإمارات العربية المتحدة تأييدًا دينيًا لنظام سياسي قمعي

قداسة البابا،

وأنت تخطط للذهاب إلى الإمارات العربية المتحدة هذا الأحد 3 فبراير/ شباط 2019. فإننا نشعر بالقلق من أن يُنظرإلى هذه الزيارة على أنها تأييد من جانب سلطة أخلاقية تحظى بالاحترام في العالم العربي، ليس فقط من جانبالمجتمع المسيحي ولكن أيضًا من جانب السكان المسلمين، لدولة خارجة عن القانون، ولا تحترم الكرامة الإنسانية،وتتمتع بسمعة مروعة من حيث الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تؤثر على المواطنين الإماراتيين والعمالالأجانب المقيمين في البلادعلاوة على ذلك، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على حشد كل وسائلها السياسيةوالدبلوماسية والعسكرية والمالية لعرقلة مسيرة الشعوب العربية والأفريقية نحو الديمقراطية والتحرر السياسي،من شمال أفريقيا إلى اليمن، عبر القرن الأفريقي.

قداسة البابا،

في العالم العربي، تتمتع بسمعة أخلاقية عالية وسمعة رجل عادل يهتم بالفقراء والضعفاء، وخاصة في بلدانالجنوب، متبعاً رسالة المحبة التي لم يتوقف السيد المسيح عن التبشير بها حتى استدعائه إلى الله.

في رسالتكم إلى المشاركين في المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان، الذي نظم في 10 ديسمبر/كانون الأول 2018، اليومالعالمي لحقوق الإنسان، كان لديكم فكرة خاصة بشأن أولئك الذين يتم احتجازهم في ظروف غير إنسانية، والذينيعانون من التعذيب وذكرت “أولئك الذين يعانون من انتهاكات متعددة لحقوقهم الأساسية في السياق المأساويللنزاعات المسلحة”وأكدتم أيضًا أن “الجميع مدعوون للمساهمة بشجاعة وعزيمة، في إطار خصوصيات دورهم،في احترام الحقوق الأساسية لكل شخص، وخاصة أولئك الذين هم “غير مرئيين”.

واعلم يا صاحب القداسة أن حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية والتعذيب والمحاكمات غير العادلة هيممارسات شائعة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتعرض مئات المعتقلين للتهديد بالقتل.

ضحايا، تعرضوا للضرب، تعرضوا لصدمات كهربائية، تعرضوا للإيذاء الجسدي، تعرضوا للاغتصاب لبعضهم، وأجبروهم على مشاهدة تعذيب زملائهم السجناء.

خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير في يناير/كانون الثاني 2018، وعلى الرغم من خطابهم الذي ذكر أنهميقومون بالتحقيق في ادعاءات التعذيب وأن تقريراً سوف يقدم إلى لجنة مناهضة التعذيب، إلا أن التعذيب وإفلاتمرتكبي هذه الأفعال من العقاب يظل هو القاعدة، وفقًا للمقرر الخاص المعني بالتعذيب خلال زيارته الأخيرة للبلد.

وفي تقرير خاص للمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، أشارت السيدة غابرييلا كنول إلى أن أكثر من200 شكوى تعذيب تم تقديمها خلال السنوات الأخيرة ولم يتم التحقيق فيها من قبل السلطات الإماراتية، مشيرةإلى أن عدم إجراء تحقيقات جدية يشجع على الإفلات من العقاب لمرتكبي هذه الجرائم.

وعلاوة على ذلك، فإنكم لا تجهلون، يا صاحب القداسة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة انخرطت إلى جانبالمملكة العربية السعودية في اليمن في صراع خلق حالة وصفتها العديد من المؤسسات الدولية بأنها واحدة منأسوأ الأزمات الإنسانية التي عرفناها على الإطلاقوقد قدمت العديد من التقارير والتحقيقات، بما في ذلك التيأجراها خبراء الأمم المتحدة، أدلة واقعية على أن القوات المسلحة الإماراتية مذنبة حالياً بارتكاب جرائم حربوانتهاكات عديدة للقانون الإنسانيوتدير القوات المسلحة، من بين أمور أخرى، مراكز احتجاز سرية يحتجز فيهاالعديد من الأشخاص ويتعرضون للتعذيب.

قداستك،

لقد واصلت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة في الأسابيع الأخيرة استغلال زيارتكم لأغراض دعائية عبرمنافذها الإعلامية في العالم العربي والدول الغربية، لتجعل الناس ينسون الواقع القاتم في البلاد في ما يتعلقبحقوق الإنسان، وتسويق أنفسهم كأبطال التسامح والحوار بين الأديانوهذا من شأنه أن يؤدي إلى سوء فهم منقبل الشعوب العربية، وخلط رسالة الكنيسة الكاثوليكية في المنطقة والإضرار بصورتها.

قداستك،

ينتظر مواطنو العالم العربي منكم بمناسبة هذه الزيارة رسالة قوية ودعوة واضحة تدين انتهاكات حقوق الإنسان فيهذا البلد، وهو ما سوف تفهمه شعوب المنطقة على أنه رسالة أخوة.

وفقك الله لكل خير.

جنيف / بيروت

فبراير/ شباط 2019

رئيس جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات 

ناجي حمدان